روان الشرقاوى تكتب: أم كلثوم ” الست “

أم كلثوم .. لن تحبها من أول مرة.. لأنها لا تحب من أول مرة لا تستطيع تفسير نصل صوتها الحاد الذي يحتاج أن تكون أذناك علي استعداد للتحليق بين آهاتها وأملها في يا صباح الخير ياللي معانا.

وستبقي وقفتها بالمنديل الحرير وشموخها يأخذك إلي ماورثه الناس عن شكل المرأة العربية.

” أم كلثوم إبراهيم السيد البلتاجي “.. تلك المرأة التي صنعت علي مدي أكثر من نصف قرن شيئاً يسمي الطرب .

ما الذي يدفع جمهورها في المسارح لحجز تذكرة قيمتها بثمن فدان أرض في مصر في الأربعينات من القرن الماضي؟

هو ذاك الصوت الذهبي وآهاتها التي تلامس شعورك، فهي الصوت الوحيد تقريباً الذي نزداد به وعياً كلما كبرنا.

بحسب توصيف الشاعر العربي الكبير محمود درويش، فإن صوت أم كلثوم يشبه “إدمان الوحيد”، إذ تجعل من كل واحد ألفاً من كثر انشطاره مع صوتها، كما تجعل آلاف المجاميع صوتاً واحداً موحداً يهدر كالسيل جارفاً معه كل شيء .

من أفراح الريف ومشاجرات السمّيعة استلهمت أم كلثوم طاقتها، وكأنها عرفت أن هذا هو مصيرها، تقف على مسرح لتغني، لتؤدي واجبها الحياتي، لكنها حين تبدأ الغناء تنسى الناس، تحبس دمعها في عينيها وتغني لنفسها… لا ترى أحداً

هذه الفلاحة الصغيرة التي تعلمت أصول فنها بترديد القرآن الكريم، تثبّت أقدامها في الغناء قبل صعود “فاروق” على عرش مصر. وعلى امتداد سنوات طويلة لم يكن ضباط مجلس قيادة الثورة يتغيبون عن حفلاتها، وعلى رأسهم عبد الناصر (الذي كان مغرماً بصوتها وكان يعتبرها سلاحه الأنثوي الفتاك في مخاطبة الجماهير، وخلال آخر انتخابات رئاسية له)، حيث كانت أيضاً أم كلثوم تتقاسم الظهور معه على شاشة التليفزيون، لتحث الشعب للتصويت للقومية العربية ولرئيسها.

 

وعقب نكسة يونيو، وتحديداً في مساء التاسع من يونيو 1967، حين أعلن تليفزيون القاهرة تراجع الرئيس عن التنحي تحت ضغط المطالب الشعبية، كانت أغنية أم كلثوم هي التي سبقت الإعلان الرسمي. كأنها كانت زمناً بديلاً يستند إليه رجال السلطة إذا جار عليهم الزمن.

 

في الثالث من فبراير 1975، نامت أم كلثوم لآخر مرة في حلمها ولم يزعجها أحد، لكنها بالتأكيد جلست إلى نفسها هناك واستمعت مثلنا إلى صوتها وتجلياتها، فأغمضت عينيها ولم تتمالك نفسها من الإعجاب بذاتها وقالت: الله يا ستّ!

 

 

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.