حقيقة كليوباترا بين الاجتهاد الغربي لشكسبير والطرح الشرقي لأحمد شوقي

اختلفت الروايات التي حدثتنا عن كليوباترا ولكن اجتمعت كلها علي أن هذه الملكة هي موضع للذهول والتحليل كتب عنها المؤرخ “بلوتارخ ” قال : كان من دواعي سروري الاستماع الس صواتها والذي استطاعت كأي أداة موسيقية ذات أوتار أن تنتقل من لغة لأخري حتي انها لجأت لمترجم في مرات قليلة فقط أثناء حديثها مع الأمم البربرية أما عن سبب الاصرار علي أنها ذات جمال فكان هذا ضم الدعاية السلبية التي وجهتها روما وما دونتها في كتب التاريخ علي أنها امرأة مستحقة شغوفة مولعة بالجنس استغلت جمالها لتصل الي الحكم فتزوجت مرتين من أخويها التي يصغرانها سنا لتتخذ لها لاحقا عشيقين اثنين هما “يوليوس قيصر و أنطونيو ”

ولكن كانت هذه هي نظرة الرومان للمرأة حيث كانوا ينظرون للمرأة علي أنها سلعة تباع وتشتري وتقدم كالهدية وكانت لا تملك الأملاك ولا الأموال ولا تتولي المناصب علي عكي الحضارة المصرية التي وضعت المرأة علي قدم المساواة مع الرجال فكان الطبيعي أن يصور الرومان كليوياترا علي أنها الفاتنة مدمنة الجنس لتبرير ما وصلت اليه من السيطرة علي يوليوس قيصر وأنطونيو ورسموا صورتها عبر التاريخ بأنها المرأة التي لا تقاوم والتي أوقعت برجلين من أعظم رجال روما في شباك حبها

يذكر أن كليوباترا قامت بكتابة أسطورتها بنفسها حيث عرفت منذ نعومة أظافرها بأنها اللاهوتية وذلك بسبب ارتباط الأسرة الحاكمة دوما بالالهة وكان يستبعد الأناس العاديون بشدة الانفعال من عبادة الهة الدولة وبالتالي عندما أرادت كليوباترا أن تعلن عن نفسها بأنها الهة واتخذت لقب ايزيس الجديدة كي تميز نفسها الأمر الذي كان لا يهم المصريين كثيرا للتعامل معه علي عكس روما حيث كانوا يؤمنون بوجود الالهة وكانت المعابد تفتح للجميع

وعلي هذا اختلفت الروايات الأدبية ايضا في طرحها لكليوباترا بنفس الخطي في الشرق والغرب فعلي الرغم من انجاز العشرات من الأفلام حول حياة الملكة كليوباترا الي جانب نشر الملايين من الكتب التي تناولت سيرتها الذاتية وانجازاتها السياسية وقص الحب التي مرت بها حتي أن الممثلة البريطانية “اليزابيث تايلور ” قامت بتجسيد دور كليوباترا لأول مرة في فيلم يحاكي قصة حياتها عام 1963 لكن يبقي أشهر من قدم كليوباترا في الغرب المسرحي البريطاني ” وليام شكسبير ” في مسرحية ” أنطونيو وكليوباترا ” والتي ركزت فيها علي قصة حبهما صور فيها أنطونيو الحاكم الروماني ضعيف الرأي وفي حوار داخل المسرحية يتمني فيه أنطونيو أن تذوب روما في نهر تتيد وفي المقابل عندما يعود أنطونيو الي روما ليتزوج أوكتافيا أخت اوكتافيو تقول كليوباترا ” ألا فلتبتلع مصر أيها النيل وليتحول أهلها الودعاء الي أفاع سامة ”
وهكذا صورها شكسبير امرأة حاقدة علي شعبها ووطنها وفتك الغضب عقلها ومن ثم يعود شكسبير ليصورها امرأة ضعيفة عندما تفر من المعركة ضد أوكتافيوس وتترك أنطونيو لمصيره الا أن انطونيو رغم هذا يتبعها لأن الحب أفقده عقله رغم شعوره بالعار وخسارته ليس الحرب فقط ولكن خسر ايضا حبه فيكتب لها ويسألها ” هل فتر حبي في قلبك ” ؟
ليقدمها شكبير بأنها امرأة لعوبة لتأتي برسالتها ” حينما يفطر حبك في قلب فلترجمني السماء ” وحينها دبت الشجاعة في قلب أنطونيو واتجه مرة أخري لقتال أوكتافيوس لكنه ينهزم مرة اخري وصور شكبير قصة انتحارها علي انها ليست من أجل حزنها علي حبها ولكن من أجل نفسها .

وبالمقابل نجد طرح الأدب في الشرق عن كليوباترا فكان أشهر الأعمال هي مسرحية الشاعر المصري ” أحمد شوقي ” والتي أهداها الي الملك فاروق وحرص من خلال المسرحية علي تقديم كليوباترا بالملكة ذات العزة والكرامة والتي رفضت حملة تضليل الشعب المصري لهزيمة اوكتيوم وقد كانت كليوباترا تعرف حقيقة الهزيمة حيث تدين اذاعة اخبار النصر الكاذبة وتقول غدا يعلم الحقيقة قومي ليس شيي علي الشعوب بسر وحرص الشاعر علي تمجيدها و تصويرها كملكة مثقفة وميزها باقتنائها الكتب واعتبارها بأنها كالجواهر وهذا عكس ما قالوا عنها الرومان

واتفق شوقي مع شكبير فقط في تصورهما لمشهد انتحارها بعد الهزيمة حيث يأتي غلام يحمل سلة التين ويلدغها الثعبان وهي تقول ” أيميل العزل خفت ولا المنايا ولكن أن يسير بي سبيا أيوطأ بالمناسي تاج مصر وسمة شعرة في مفرقي !

 

كتبت روان الشرقاوي

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.