تحويلات المصريين في الخارج تسلك طرق “الريان” من جديد.. تفاصيل

تحويلات المصريين في الخارج انخفضت بنسبة 30% إلى 4.5 مليار دولار خلال الربع الأول من السنة المالية الحالية 2023-2024، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.


وأرجع محللون انخفاض تحويلات المصريين بالخارج إلى عدة أسباب منها قلة الثقة في الجنيه، في ظل عدم القدرة على تقييد السوق الموازية لصرف العملة بسبب عدم توفر الدولار في المسالك الرسمية.. فهل تستطيع مصر في استعادة ثقة المصريين بالخارج أم تنجح الأفكار التي انتهجها كثيرون أبرزهم الراحل أحمد الريان في جمع حصيلة الغربة؟”.

وقال تقرير لـ”بلومبيرج” إن مصر تعتمد على 5 مصادر رئيسية للحصول على العملة الصعبة، تتمثل بالصادرات، وعائدات السياحة، وإيرادات قناة السويس، تحويلات المصريين في الخارج ، والاستثمارات الأجنبية.


ويرى هاني جنينة، كبير الاقتصاديين في “كايرو كابيتال”، أن السوق الموازية للعملة في مصر استقطبت جزءاً كبيراً من حصيلة تحويلات المصريين في الخارج ، بسبب فارق السعر الكبير بين السوقين الرسمية والموازية، وهي أزمة مستمرة منذ بداية 2023.


بحسب متعاملين في السوق الموازية تحدثت معهم “بلومبيرج الشرق”، يتداول الدولار في السوق الموازية بما بين 53 و54، مقابل سعره الرسمي في البنوك المصرية منذ أغسطس الماضي وحتى الآن عند ما يقارب 31 جنيهاً لكل دولار.

تحويلات المصريين في الخارج تتم خارج النظام البنكي


أحمد إبراهيم، محاسب مصري يعمل في دبي، يقول إن هناك أكثر من طريقة لتحويل الأموال إلى أسرته في مصر بالآونة الأخيرة، من ضمنها “تسليم الدولار إلى أحد التجار الموجودين في دبي وهو يسلم المقابل بسعر السوق الموازية إلى أسرتي في مصر”، لافتاً إلى أن “بعض المصريين حالياً يحتفظون بدراهمهم ودولاراتهم في البنوك الإماراتية لحين استقرار سعر الصرف في مصر، والبعض الآخر يشتري الذهب ويأخذه معه عند سفره إلى البلاد، وآخرون يشتركون بمبادرة السيارات الحكومية”.

في مايو الماضي، أصدر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قراراً بإعفاء واردات الذهب من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى حتى نوفمبر 2023، ووصل حجم واردات الذهب المعفى من الضريبة الجمركية خلال تلك الفترة إلى نحو 3.3 طن. ثم جددت الحكومة المبادرة 6 أشهر أخرى لتنتهي في مايو المقبل.


أحد رؤساء البنوك الخاصة في مصر أفصح لـ”الشرق” أن “ما يزيد من أزمة تراجع تحويلات المصريين، أن هذه الأموال لا تدخل السوق المصرية، بل يتم جمعها من خلال تجار وسماسرة في الخارج وتحصيل المقابل بالجنيه المصري بسعر السوق الموازية، بالتالي تحتاج الأزمة إلى علاج جذري لإعادة الثقة بالنظام المصرفي المصري”
وتساءل المسؤول المصرفي، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته نظراً لحساسية الموضوع: “من سيترك كل هذا الفارق بسعر صرف العملة بين السوقين الرسمية والموازية، والذي يفوق 50%، ليحول الأموال بشكل رسمي عبر البنوك.. الجميع يبحث عن المكسب”.


الحكومة تطمح لجمع 53 مليار دولار من تحويلات المصريين بالخارج


تعمل الحكومة المصرية على زيادة تحويلات المصريين في الخارج بنسبة 10% سنوياً، بحسب وثيقة صادرة السبت عن رئاسة مجلس الوزراء، لتبلغ التحويلات مستهدف 53 مليار دولار بحلول العام السادس من الولاية الجديدة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.


للوصول لهذا المستهدف، ستتبنّى الحكومة سياسات تتيح فتح أسواق عمل خارجية جديدة لنحو مليون مصري في مجالاتٍ يتزايد الطلب عليها، من ضمنها الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، وخدمات تكنولوجيا المعلومات، والتمريض، وذلك في ضوء تقديراتٍ تفيد بوجود فجوة بنحو 100 مليون فرصة عمل في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية حتى 2040، حيث تتنافس الاقتصادات الناشئة، وفي مقدمتها الهند، لتلبية الطلب على هذه الوظائف.

 

تعمل الحكومة المصرية أيضاً على تعزيز تحويلات المغتربين من خلال طرح صندوق استثماري برأسمال مليار دولار، يضم وحدات قابلة للاكتتاب من قِبل المصريين العاملين بالخارج “للاستثمار في محفظة من الأصول المملوكة للدولة عالية العائد، في ضوء استراتيجية تعظيم مواردها من النقد الأجنبي”، وفقاً للوثيقة الحكومية.


كما تستهدف تأسيس شركة لاستقطاب مدخرات المغتربين المصريين برأسمال مليار دولار؛ “للاستثمار في عدد من القطاعات الإنتاجية والخدمية ذات الأولوية الحكومية”.


كما تخطط الحكومة المصرية لإطلاق مبادرة لتصدير العقار -تأجير وتملك الوحدات السكنية- بالنقد الأجنبي للمستثمرين الأجانب والمصريين العاملين بالخارج بعائدات متوقعة ما بين 2 إلى 3 مليارات دولار، وسيحصل المستفيدون الأجانب في المقابل على إقامة لمدة 5 سنوات.

مصر تطمح لمضاعفة مصادرها الدولارية التقليدية إلى 300 مليار


زيادة حصيلة تحويلات المصريين في الخارج تأتي ضمن خطة تستهدف جمع 300 مليار دولار من السياحة والصادرات وقناة السويس والاستثمارات الأجنبية المباشرة أيضاً خلال فترة 2024-2023، بحسب الوثيقة.


الخبير المصرفي محمد عبد العال يرى أن استقطاب تحويلات المغتربين إلى البنوك المصرية يستلزم توحيد سعر الصرف والقضاء على السوق السوداء، مرجحاً وصول سعر الدولار رسمياً إلى مابين 38 و40 جنيهاً خلال 2024، بشرط توافر حصيلة من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري بتاهز 5 إلى 8 مليارات دولار لتخفيف الضغوط على الجنيه.
تتفق معه سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية والاقتصادية ونائب رئيس بنك مصر سابقاً، في أن جذب تحويلات المصريين في الخارج للقنوات الشرعية لن يحدث دون الوصول إلى سعر واحد للعملة، وهو السيناريو الذي حدث قبل تحرير سعر الصرف 2016. مضيفةً أن الحكومة المصرية بدأت محاولات لتخفيف الضغط على الدولار، مثل اتفاقيات مبادلة العملة مع الإمارات والصين، والانضمام إلى تجمع بريكس.. ويظل السؤال قائما “هل تستطيع مصر في استعادة ثقة المصريين بالخارج أم تنجح الأفكار التي انتهجها كثيرون أبرزهم الراحل أحمد الريان في جمع حصيلة الغربة؟”.

 

كتبت إيمان عصام

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.