المركزي المصري وأسعار الفائدة.. ما هي أبرز التوقعات؟

يرزح الاقتصاد المصري تحت وطأة أزمة تمويلية شديدة التأثير، قد تكون الأعنف خلال السنوات الماضية، في ظل تحديات واسعة داخلية وخارجية، تتفاقم معها حدة الضغوط التضخمية، وهو ما يؤثر بطبيعة الحال على القرار المُنتظر من جانب البنك المركزي المصري خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية، الخميس المقبل.

 

وتواجه مصر “أزمة دولار” واسعة تخيم على المشهد الاقتصادي، ومع تفاوت واسع بين السعر الرسمي للأخضر الأميركي قرب الـ 31 جنيهاً، والسعر في السوق السوداء الذي يفوق السعر المتداول بالبنوك بنسبة تتجاوز الـ 100 بالمئة، بحسب الأسعار التي تتداولها منصات تسعير السوق الموازية (السوداء).

 

وخفضت مصر قيمة عملتها بنحو النصف في الفترة من مارس 2022 إلى مارس 2023، لكنها أبقت عليها دون تغيير منذ ذلك الحين عند 30.85 للدولار.في آخر اجتماع للجنة السياسة النقدية للمركزي المصري والذي انعقد في ديسمبر الماضي تم الإبقاء على سعر الإقراض لليلة واحدة عند 20.25 بالمئة، في حين بقي سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة عند 19.25 بالمئة.

 

وعلل المركزي قراره وقتها إلى عدة أسباب:

على الصعيد العالمي، فقد اتسم النشاط الاقتصادي بالتباطؤ، حيث أسهمت سياسات التقييد النقدي التي اتبعتها البنوك المركزية الرئيسية في خفض كل من توقعات النمو الاقتصادي مقارنةً بما تم عرضه على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق.

 

كما شهدت أسعار السلع العالمية وخاصة أسعار الطاقة انخفاضاً بشكل عام، وقد جاء ذلك نتيجة لتراجع عمليات المضاربة بشأن توقعات نقص إمدادات النفط وانخفاض الطلب العالمي، بحسب بيان البنك.

 

وذكر البيان: “بالرغم من ذلك، يوجد حالة من عدم اليقين حول توقعات التضخم، خاصة ما يتعلق بأسعار الطاقة العالمية وذلك نتيجة للتوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم حالياً”.

 

تراجع مستمر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، انخفاض العجز في صافي الأصول الأجنبية لمصر بنحو 5.26 مليار جنيه مصري (170.5 مليون دولار) في نوفمبر إلى 834 مليار جنيه، بعد ارتفاع أصول البنوك التجارية وانخفاض التزامات البنك المركزي.ولا يزال العجز عند ثالث أعلى مستوياته على الإطلاق بعد العجز القياسي في يونيو وأكتوبر.

 

ويمثل صافي الأصول الأجنبية أصول البنك المركزي والبنوك التجارية المستحقة على غير المقيمين مطروحا منها التزاماتهم.واعتمد البنك المركزي المصري على الأصول الأجنبية في البلاد للمساعدة في دعم العملة المصرية على مدى العامين الماضيين.

 

ما هي أبرز السيناريوهات؟

رئيس استراتيچيات الأسهم في ثاندر لتداول الأوراق المالية عمرو حسين الألفي، قال في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إنه من المتوقع أن يرفع المركزي المصري الفائدة بمقدار 2 بالمئة خلال اجتماعه المقبل، لا سيما مع ارتفاع معدل التضخم عن المتوقع بسبب ارتفاع أسعار الخدمات مطلع يناير الجاري، وكذلك مع ارتفاع أسعار الفائدة على شهادات الإدخار ذات العائد المرتفع أخيراً (بما يعد مؤشراً لرفع الفائدة).

 

وأكد الألفي أنه بناء على هذه المعطيات، فإن رفع معدل الفائدة 2 بالمئة متوقع ومناسب بشكل كبير، موضحًا أن توقعات “ثاندر” تشير إلى أن هذا المعدل في رفع الفائدة سيكون الوحيد في 2024 وأنه سيكون في الاجتماع المقبل كي يبعث المركزي المصري رسالة إلى صندوق النقد الدولي باستمراره في السياسة النقدية التشددية محاولة منه لتحجيم التضخم، خصوصًا وأن معدله أعلى من مستهدف المركزي.

 

وكان المركزي قد كشف عن انكماش عجز الحساب الجاري في مصر 12.1 بالمئة إلى 2.8 مليار دولار، في الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2023 من 3.2 مليار دولار قبل عام.

 

وانخفض صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر في الربع الأول من السنة المالية 2023-2024، إلى 2.3 مليار دولار من 3.3 مليار دولار، كما انخفضت تحويلات العاملين بالخارج إلى 4.5 مليار دولار من 6.4 مليار دولا، وانخفضت صادرات الغاز الطبيعي ملياري دولار.

 

بينما ارتفعت إيرادات السياحة إلى 4.5 مليار دولار من 4.1 مليار دولار، وأيضًا ارتفعت إيرادات قناة السويس إلى 2.4 مليار دولار من ملياري دولار، وارتفعت صادرات النفط الخام 299.6 مليون دولار، فيما تراجعت صادرات المنتجات النفطية 393.8 مليون دولار.

 

مأزق هيكلي

عيسى فتحي، العضو المنتدب لشركة القاهرة لتداول الأوراق المالية، ذكر في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن الموقف الاقتصادي المصري حاليًا في مأزق هيكلي مظهره شح العملة الأجنبية.

 

وأضاف فتحي أن السبب الرئيسي في هذه المشكلة يكمن في بعض السياسات المالية والنقدية والاقتصادية (..) متوقعاً أن يشهد اجتماع البنك المركزي المصري المقبل تثبيت سعر الفائدة.

 

سجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 10 يناير 2024، معدلاً شهرياً بلغ 1.4 بالمئة في ديسمبر 2023 مقابل معدلاً بلغ 2.1 بالمئة في ذات الشهر من العام السابق ومعدلاً شهرياً بلغ 1.3 بالمئة في نوفمبر2023. كما سجل المعدل السنوي للتضخم العام 33.7 بالمئة في ديسمبر 2023 مقابل 34.6 بالمئة في نوفمبر 2023.

 

سجل الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، المعد من قبل البنك المركزي، معدلاً شهرياً بلغ 1.3 بالمئة في ديسمبر 2023 مقابل معدلاً شهرياً بلغ 2.6 بالمئة في ذات الشهر من العام السابق ومعدلاً شهرياً بلغ 1.0 بالمئة في نوفمبر 2023. كما سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 34.2 بالمئة في ديسمبر 2023 مقابل 35.9 بالمئة في نوفمبر 2023.

 

رفع الفائدة

من جانبه، أكد مدير قسم البحوث بشركة المروة، مينا رفيق، على اتجاه البنك المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة، مرجعًا ذلك إلى عاملين:

العنصر الأول الفجوة القائمة بين السوق الرسمية وغير الرسمية (الموازية)، مشيرًا إلى أن هذه الفجوة اتسعت خلال يناير الجاري بأكثر من 30 بالمئة (لتفوق نسبة الـ 100 بالمئة في المجمل) فقد كان متوسط سعر الدولار في السوق الموازية 51 جنيهًا لكنه حاليًا قارب الـ 70 جنيهًا.

العنصر الآخر هو ارتفاع معدل التضخم وهذا ما يتوجب خطوة استباقية ممثلة في رفع الفائدة، حتى إذا لم يتم تحرير سعر الصرف.

وتوقع رفيق أن يتم رفع أسعار الفائدة بحوالي 2 بالمئة على الأقل، مؤكدًا أن التحدي الأكبر حاليًا توفير الدولار، وهذا ما دفع الدولة المصرية إلى اتخاذ خطوات، منها:

الطروحات الحكومية.

البحث عن وسائل تمويلية جديدة.

الانضمام إلى تكتل “بريكس” وهذا بدوره سيخفف الضغط بشكل كبير على الدولار.

ووصف رفيق التضخم الذي تشهده مصر بـ “التضخم الركودي” والناتج في الأساس عن ارتفاع التكلفة وليس زيادة الطلب.

 

كتبت  ايمان حاكمهم

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.